تحفة التحقيق والغموض، المحقق كونان.
قصة المحقق كونان مبتكرة ومميزة، فريدة من نوعها ومشوّقة. من أول حلقة يظهر للمتابع كم أن الأنمي واعد بأحداث رائعة وحماسية، الغموض والإثارة وكثير من عناصر السرد الفنّي موجودة ومتنوعة تحت مظلّة التحقيق والذكاء التحليلي.
عالم أنمي كونان شاسع وكبير جدًا، مقتبس الحضارة اليابانية بتاريخها و مدنها ومعالمها التراثية والأثرية وحتى أساطيرها القديمة. شعرت لوهلة بوجودي التام في اليابان وطرقاتها بسبب الإسقاطات الواقعية. هذا غير أن الكاتب توسّع واقتبس من دول كثيرة مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا.
من الأشياء الجميلة بالعمل، أن الحياة في القصة محسوسة. وكنت قادرا على أن أستشعرها وأعيش مع الأحداث والروتين اليومي للشخصيات ودورهم في كل حدث، وهذه ميزة نادر جدا وجودها في الأعمال.
قصة العمل مرنة تمشي على مسارين:
– القصة الأساسية
– القضايا الجانبية المتنوعة
وهذا الأسلوب بالسرد يشد انتباه المشاهد وحماسه؛ لأن الحلقات متنوعة ومترابطة ومتداخلة ببعضها، وتميل إلى الأحداث المفاجئة والتويستات القوية.
|| القصة الأساسية ||
رتم أحداثها عال جدا، ويسلّط فيها الضوء على أقوى الشخصيات، وصنع لقاءات ومواجهات بينهم بشكل لائق، تكون مشوّقة وممتعة ومترقبة ويتم التمهيد لها من خلال أحداث متعددة سابقة.
|| القضايا الجانبية ||
عبارة عن يوميات مليئة بجوانب الحياة المختلفة، تتنوع ما بين الأكشن والرعب والدراما الحزينة المأساوية والرومانسية وكل عناصر السرد الفنّي.
وهي مفيدة جدًا؛ لأنها توسّع الاطّلاع على البطل والشخصيات وتزيد ارتباط المشاهد بهم عاطفيًا.
|| الشخصيات ||
على قوة القصة، من الطبيعي أن تتنوع شخصياتها وتكثر وتكون في ذات الوقت رائعة.
البطل وحلفاؤه والأعداء الرئيسيين جميعهم لهم ثقل في الميزان من ناحية تركيب الشخصية وأثرها بالقصة، رغم أن عدد كل منهم مختلف، ولكن العبرة بالكيف لا بالكم.
أحد أكثر نقاط الكاتب إبداعية هي:
[تجسيد الخيال بطريقة مقاربة للواقع]
وهذه لمسة فنّية فاخرة تجعلك في فضاء ما بين الخيال والواقع، ويسهل على عقلك عملية استيعابها واحتواء فكرتها كما هو الحال مع أدوات كونان.
الخلفية الثقافية لأي كاتب مهمة جدًا!
وعندما نأتي لهذه النقطة فمن أبرز الكُتّاب الذين يستحقون الثناء على اطّلاعهم بشتى المجالات: هو مؤلف كونان “غوشو أوياما” فهو يتحرّى الدقّة في السيناريوهات والاقتباسات الواقعية من العلوم المنطقية الثابتة بالأدلة والبراهين.
في مجال الأفلام وضع بصمته كذلك.
وصل إلى أربع وعشرين فيلم، وقابل للزيادة. تتميز بالأكشن والحماس، الإنتاج فيها يكون عالي الجودة والرسم والتحريك مدهش جدا.
أنا منبهر جدا من هذا الأنمي، مادة قصصية، منهج تعليمي، خلفية ثقافية، وغيرها من الجوانب التي تميّز بها وأبهر العالم بجماله كعمل فنّي، ناجح في مجاله ويستحق النجاح، عمل رائع بحق.
