فن اللامبالاة
بقلم جيفارا
لماذا الإيجابية الزائدة عن حدها تكون سامة ومدمرة؟ الجزء الأول من السلسلة تلخيص الكتاب العظيم جداً “فن اللامبالاة”. كتقدير للمجهود ولكي يستفيد غيرك.
1- ” زيادة رغبتك في خوض الكثير من التجارب الإيجابية تجربة سلبية بحد ذاتها، وقبولك للتجارب السلبية تجربة إيجابية بحد ذاتها. جملة معقدة صحيح؟ الجملة العميقة هذه تعني أن رؤيتك للحياة لاينفع أن تكون دائما ايجابية.
ولا يجب أن تكون الأربع وعشرين ساعة في اليوم مليئة سعادة. وليس من الضروري أن تكون طوال السنة مبتهجاً وسعيد.
لأن التفكير الإيجابي المبالغ فيه يجعلك وبشكل غير واع معارض لمنهجية سير الحياة الطبيعية، التي تكون غالباً منصفة وعادلة.
وبمعنى أدق:
الفترة التي ستعيشها في حياتك ستكون مقسمة على شكل فترات، ما بين أيام سعيدة ومليئة بالفرح، وأيام أخرى حزينة مليئة بالتعاسة، أيام ستفوز فيها وأيام ثانية ستخسر فيها، أيام ستكسب فيها أناساً سيبقون عزيزين عليك، وأيام ثانية ستفقد أعز الناس في حياتك.
الحل هو:
1-أن تكون متقبلاً لحقيقة مهمة جداً، وهي حقيقة أنه “الصعاب في كل الأحوال دائماً موجودة”، فبدل أن تحاول تجنبها وتجاهلها فكر كيف تتعامل معها وتجد حلاً لها.
2-“كلما حاولت أن تحسن من أسلوب معيشتك الحالية، كلما سيقل رضاك عن النعم التي أنت فيها”. ملاحقتك وسعيك بصورة مستمرة لشيء أنت لا تملكه تعزز من حقيقة أنك فعلاً مُفقتد هذا الشيء، والحقيقة هذه بدورها سيكون لها أثر سلبي كبير وخصوصاً من الناحية النفسية، وكمثال توضيحي:
لو كنت تحاول مثلاً تجميع كمية خيالية من الأموال لكي تبقى غنياً، كل مرة ستحاول تجميع الأموال أكثر لكي تبقى غنياً، ستجد نفسك كل مرة تريد تجميع أكثر من ذلك. وترغب أن تبقى أغنى، و بشكل غير واع ستشعر أنك ما زلت فقيراً حتى لو كانت كمية الأموال التي تملكها خيالية وغيرك يعتبرها ثروة.
والسبب :
لأن الإنسان بطبعه يحب الأكثر في كل شيء في حياته، دائماً يحب أن يكون لديه أموال أكثر، و ملابس أكثر، و سيارات أكثر، و هواتف أكثر، وأصحاب أكثر الخ”. وكلما زادت رغبات الإنسان في الأكثر كلما قل رضاه بكل النعم التي حوله، الحل أن توازن مابين رضاك بما عندك، وما بين سعيك للأكثر.
3-“تجنب المعاناة شكل من أشكال المعاناة نفسها”. عندما تخوض تجارباً سيئة وتحاول التهرب من أثرها السلبي أو تجنبها، ستزيد من أوجاعك ومعاناتك أكثر، بمعنى أدق: محاولتك تجنب الصراع، هو صراع في حد ذاته، وإنكارك الدائم للفشل هو فشل بدوره، وإخفاؤك مما تخاف هو خوف تظهره دون أن تشعر.
كل تجربة سيئة عانيت منها هي في النهاية عبارة عن تجربة لا أكثر ولا أقل، فيها نقاط سلبية وفيها نقاط إيجابية، ومُجرد أن تنظر لنصف الكوب المليء ستتعلم منه وتكتسب خبرات عظيمة، فالمعاناة ليست دائماً مضرة.
4-“عادي لو ساءت الأمور أحياناً، الحياة ليست دائماً وردية”. واحدة من أكثر الأفكار التي يمكن أن تدمرك، هي فكرة أن حياتك يجب أن تسير بالأسلوب الذي تريده وخططت له. الحياة ليست لعبة بلاي ستيشن. أنت لن تستطيع التحكم فيها.
“أمر مستحيل أن تسير حياتك كما تريد تماما”.
كما تفوز ستخسر وكما تفرح ستحزن وكما تضحك من السعادة يمكن أن تبكي من الحزن. هل تعلم لماذا هذه الفكرة تحديداً يمكن أن تدمرك؟ لأنه أول ما يحدث معك مشكلة ولو كانت بسيطة، لن تستطيع أن تتمالك أعصابك ولن تستطيع تقبل التغيرات التي تحصل في الحياة وستعمل كوارث، أهمها أنك ستبدأ بلوم قضاء وقدر ربنا سبحانه وتعالى. بجمل مثل: “أنا لماذا يحصل معي هذا، والمفروضلا يحصل” وأيضاً ستلوم نفسك و تقول “أكيد العيب مني وأنا أكيد قمت بأشياء خطأ لذلك حصل كذا وكذا”.
حتى لو كان كل الذي قمت به صحيحاً ستبقى تلوم نفسك، وهذه الأشياء أثرها السلبي عليك سيكون كبيراً وكارثي. واحتمال أن تصل لمرحلة أن تلوم أناساً ليس لهم علاقة بالموضوع، والأفكار هذه ستشعرك بالذنب وستكون سبباً في تولد ضغط كبير على روحك.
اهدأ قليلاً وتذكر أن الحياة ليست دائماً وردية.
أريد أن أشكرك لأنك أكملت المقال للآخر. أتمنى لك يوماً سعيداً.