الصحابيات    ملخص

الصحابيات عبر الحروب في التمريض والطبابة

الصحابية ُ لتي كانت أول طبيبةٍ مسلمةٍ في الإسلام، وصاحبةُ أول مستشفى ميداني عرفها المسلمون، وكان لها دورٌ بارز في انتصارِ المسلمينَ في إحدى أهمِّ الغزواتِ فأكرمها رسول الله ..

‏كانَ للصحابيّات رضي الله عنهنّ دورٌ عظيمٌ في خدمةِ الدعوةِ الإسلاميّة، والإسهامُ في رقيّ المجتمعِ المسلم، وخدمته في شتّى المجالات، فسوف تجد في أي مجالٍ بصمةً للصحابياتِ رضي الله عنهنّ، حتى في الحروب كان لهم دورٌ بارز..

‏ومن بين كلِّ تلك المجالاتِ مجالُ الطب والتمريض، الذي كان لعددٍ من الصحابياتِ دورٌ بارزٌ فيه وعظيمٌ في خدمة المسلمينَ عن طريقِ إتقانهم للطبابة، وحافظوا على العديد من الأرواحِ التي كانت ستذهبُ لخالقها لولا الله ثم براعتهم ..

‏كعيبة بنتُ سعدٍ الأسلمية المعروفة باسم (رفيدة الأسلمية) من بني أسلم، رفيدة قبلَ إسلامها كان يأتيها الكثيرُ من المرضى من شتى أنحاء الجزيرة العربية، وكانتْ تداويهم وتعالجهم، فاشتهرت جدًا وخاصةً في منطقة الحجاز.

‏وقيل أن رفيدة كانت تعالجُ الناسَ مُذْ كان عمرها خمسةَ عشرَ عامًا، وبالطبع في ذلك الوقتِ كان الطب بدائيّاً نوعًا ما ويعتمد على الممارسة أكثر من العلم، لكنَّ رفيدة أيضًا كانت قارئة ومثقًفة ومطّلعةً على مهنة الطب ..

‏هذه المهنة جعلتها صاحبة مالٍ ومكانةٍ بين الناس، فاجتمع فيها الغنى والمكانة والعلم، وبالطبعِ إمرأةٌ مثل رفيدة لا تجهل الإسلام ولا تعاديه فعندما جاء الإسلام إلى المدينة أسلمت وآمنت بالله وبرسوله ..

‏فبدأت الغزواتُ تكثرُ بين المسلمينَ والمشركينَ وخاصةً غزوة أُحد التي استشهد فيها عشرات الصحابة رضوان الله عليهم وبعدها بفترةٍ ليست طويلة جاءت غزوة الخندق وفيها كان أول موقف مُشرّف وعظيم عُرفَ عن رفيدة الأسلمية..

‏في غزوة الخندق أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يتمَّ بناءُ خيمةٍ خاصةٍ وتكونُ عليها رفيدة الأسلمية، بمعنى أن تكون تحت إدارتها وتصرفها، فكانت رفيدة صاحبة أول مستشفى في الإسلام على الرغم من أنها كانت ذاتَ طابعٍ بدائيٍّ وبسيط ..

‏وخيمةُ رفيدة كانت خاصةً بعلاجِ المصابين في المعركة، وأي صحابيّ أصيبَ يتم نقله لهذه الخيمة لعلاجه، وعندما اخترقَ الخندقَ خالدٌ بنُ الوليدِ وفرسانه وأصابوا سعدْ بن معاذ رضي الله عنه في أكحله (وهي منطقة وسط الذراع)..

‏أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يتمَّ نقلُ سعدُ بنُ معاذٍ لخيمةِ رفيدة، وأمرها بعلاجه، واستطاعت رفيدة أن تعالجه بأقصى ما تستطيع فكانت لا تفارقه، وكان سعد رضي الله عنه تتحسّنُ حالته يومًا وتسوء في اليوم الآخر وهكذا ..

‏وبذلك كانت الصحابية الجليلة رفيدة أولُ طبيبةٍ عرفها الإسلام، وعلى الرغم من براعتها لكنّ أمر الله فوقَ كل شيء، توفي سعدُ بنُ معاذٍ رضي الله عنه بعد شهرٍ متأثراً بإصابته ..

‏قال ابن إسحاقٍ في السيرة: كان رسول الله قد جعل ابن معاذٍ في خيمةٍ لامرأة، يقال لها رفيدة في مجلسه، كانت تداوي الجرحى وتحتسبُ بنفسها على خدمة من كانت به ضبعة “جرح أو مرض” من المسلمين.

‏رفيدة رضي الله عنها كانتْ تعالجُ الناس بعد إسلامها بدون أن تأخذ أجرًا أو عوضًا، بل عُرف عنها أنها كانت تنفقُ من مالها الخاص، وكانت معروفةً بمهارتها في العقاقيرِ والأدوية وتصنيعها، والجروح وتضميدها، والكسورِ وتجبيرها ، وعملياتِ الولادة الصعبة ..

‏وفي بعض الروايات أن رسول الله بنى لها خيمةً بجوارِ المسجدِ لمعالجةِ المرضى والمصابين، وشاركتْ رفيدة الأسلمية في غزوةِ خيبر، وعالجت الكثير من المصابين وساهمتْ في الحفاظ على حياتهم ..

‏فكرّمها النبي عليه الصلاة والسلام نظراً للجهد الذي بذلتهُ وللدورِ العظيم الذي قامت به رضي الله عنها فقَسَمَ لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من غنائم غزوة خيبر، وجعل نصيبها من الغنائم مثل نصيبِ المقاتلِ تكريمًا لها وتقديرًا لدورها الذي تعدّى نفعه المجاهدين وعامّة المسلمين.

‏رفيدة لم تكتفِ فقط بمعالجةِ المرضى والمصابين، بل أيضاً كانت تعلّمُ الصحابياتِ الطبَّ والتمريض، وكانت تصرفُ علاجات لأي محتاجٍ بالمدينة من مالها الخاص ..

‏وبسبب ما قامت به رفيدة تعلم الكثيرونَ الطبَّ منها، وفي المعارك مع الرومِ والفُرسِ كان هناك بعض الصحابياتِ يقومون بمهنةِ الطبابة والتمريضِ ويعالجون المصابين من المعارك، والأغلبية منهم تتلمذوا على يدِ رفيدة رضي الله عنها ..

‏مصادر الثريد :

الأحاديث رويت في صحيح مسلم

سير أعلام النبلاء

الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر.

Unable to load Tweets

أخر الإصدارات