أغرب قصة هروب في التاريخ الإسلامي   ملخص

أغرب قصة هروب في التاريخ الإسلامي

قصةُ هروبِ عبدِ الرحمنْ الداخلْ صقرَ قريشِ إلى الأندلسِ.

أغربُ قصةِ هروبٍ حدثتْ في تاريخِ المسلمينَ . . في زمنِ سقوطِ الدولةِ الأمويةِ أكثرَ العباسيونَ القتلَ في كلِّ منْ كانَ مؤهلاً منْ الأمويينَ لتولي الخلافةِ ، فقتلوا الأمراءَ وأبناءَ الأمراءِ وأبناءَ أبناءِ الأمراءِ (الأحفاد) إلا قلةً ممنْ لمْ تصلْ إليهمْ أيديهمْ ؛ وكانَ منْ بينِ هؤلاءِ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية حفيدُ الخليفةِ الأمويِ هشامْ بنْ عبدِ الملكْ الذي لُقّبَ بعبدْ الرحمنِ الداخلِ أوْ صقرِ قريشِ . وفي الوقتِ الذي كانَ العباسيونَ يقتلونَ كلٌ منْ بلغَ منْ الأمويينَ، كانَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية يجلسُ في بيتهِ بالعراقِ، وإذْ بابنهِ يدخلُ عليهِ باكياً فزعاً فأخذَ عبدُ الرحمنْ يُطمئن الطفلُ إلا أنَ الطفلَ ظلَ مرعوباً ، فقامَ معهُ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية فوجدَ الراياتِ السودَ خارجَ البيتِ ( رايات العباسيينَ ) ، فعلمَ أنهُ مطلوبٌ . رجعُ عبدِ الرحمنْ بنْ معاوية وأخذِ أخاهُ الوليدْ ، وتركَ النساءِ والأطفالِ وكلِ شيءٍ، وذلكَ لأنَ العباسيينَ كانوا لا يقتلونَ النساءُ ولا الأطفالُ ، ولكنهمْ كانوا يقتلونَ كلٌ منْ بلغَ ، وخرجَ عبدُ الرحمنْ هاربا نحوَ نهرِ الفراتِ ، وعندَ الفراتِ وجدَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية وأخوهُ الوليدْ العباسيينَ يحاصرونَ النهرُ، فألقيا بأنفسهما فيهِ وأخذا يسبحانِ، ومنْ بعيدٍ ناداهما العباسيونَ أنِ ارجعا ولكما الأمانُ ، حينها كانَ الوليدْ أخو عبدِ الرحمنْ بنْ معاوية قدْ أُجهدَ منْ السباحةِ ، فأرادَ أنْ يعودَ ، فناداهُ عبدُ الرحمنْ أنْ لا يعودُ، فردَّ عليهِ بأنَّ العباسيينَ قدْ أعطونا الأمانَ ، ثمَ عادَ الوليدُ إليهمْ ، فما إنْ أمسكَ بهِ العباسيونَ حتى قتلوهُ أمامَ عينَ أخيهِ عبدَ الرحمنْ . وعبرَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية النهرِ وهوَ لا يستطيعُ أنْ يتكلمَ حزنا على أخيهِ ابنِ الثالثةَ عشرة.

ثمَ فكرَ عبدُ الرحمنْ في الذهابِ إلى بلادِ المغربِ لأنَ أمهُ كانتْ منْ البربرِ، فهربَ إلى أخوالهِ هناكَ ، في قصةِ هروبٍ عجيبةٍ جداً، عبرَ فيها الحجازَ ومصرَ وليبيا والقيروانَ.

وصلَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية للقيروانْ وعمرهُ تسعَ عشرةَ سنةً ، وهناكَ وجدَ ثورةً كبيرةً للخوارجِ في الشمالِ الأفريقيِ كانَ يقودها عبدُ الرحمنْ بنْ حبيبْ ، ولأنهُ كانتْ هناكَ كراهيةٌ شديدةٌ بينَ الخوارجِ والأمويينَ، فقدْ كانَ عبدُ الرحمنْ بنْ حبيبْ يسعى هوَ الآخرُ للقضاءِ على عبدِ الرحمنْ بنْ معاوية حينَ علمَ بأمرهِ فهربَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية منْ جديدٍ إلى ليبيا ، وظلَ مختبئاً هناكَ أربعَ سنواتٍ كاملةٍ ، وكانَ قدْ بلغَ منْ العمرِ ثلاثاً وعشرينَ سنةً ، وظلَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية يفكرُ في أمرهِ وهنا جالَ بخاطرهِ أنْ يذهبَ إلى الأندلسِ فهيَ أصلحُ البلدانِ لاستقبالهِ؛ وذلكَ لأنها أبعدُ الأماكنِ عنْ العباسيينَ والخوارجِ ، كما أنَ الوضعَ السياسيَ بالأندلسِ غيرُ مستقرٍ، ففي هذا الجوِ يستطيعُ عبدَ الرحمنْ بنْ معاوية أنْ يدخلَ هذهِ البلادِ . وفي سنةِ مئةٍ وستٍّ وثلاثينَ هجريّ بدأَ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية يُعدُّ العدةَ لدخولِ الأندلسِ ، فأرسلَ خادمهُ بدرْ إلى الأندلسِ لدراسةِ الموقفِ ، ثمَ راسلَ كلَ مؤيدي الدولةِ الأمويةِ بالأندلسِ ، وفي ذكاءِ شديدٍ استغلَ الخلافُ الدائرُ بينَ بربرِ الأندلسِ وواليها عبدَ الرحمنْ الفهري وقامَ بمراسلةِ البربرِ يطلبُ مساعدتهمْ . وهكذا ظلَّ عبدُ الرحمنْ بنْ معاوية يجمعُ الأعوانَ لعامينِ حتى قَدِمَ عليهِ رسولٌ منْ عندهِ، خادمهُ بدر – الذي أرسلهُ إلى الأندلسِ لدراسةِ الوضعِ – سنةُ مئةٍ وثمانٍ وثلاثونَ هجريّ . يقولَ لهُ إنَ الوضعَ قدْ تجهّزَ هناكَ ، وحينما سألهُ عنْ اسمهِ فقالَ : غالب ، ردُ مستبشرا بالاسمِ : الحمدُ للهِ ، غلبنا وتمَ أمرنا . وبدأَ يعدْ العدةَ ويجهزُ السفينةَ التي أخذتهُ منفرداً إلى بلادِ الأندلسِ لتتمَ أغربَ قصةَ هروبٍ حدثتْ في تاريخِ المسلمينَ . . . المصادرُ . سيرهُ أعلامُ النبلاءِ للذهبيِ . .

Unable to load Tweets

أخر الإصدارات