بقلم مناور سليمان
يحكى أن حاكماً إيطالياً دعا فناناً تشكيلياً شهيراً و أمره برسم صورتين مختلفتين و متناقضتين عند باب أكبر قلعة في البلاد.
أمره أن يرسم صورة للخير، و يرسم مقابلها صورة للشر لرصد الاختلاف بين الفضيلة والرذيلة
و قام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصورة !؟
وعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعادة.
ذهب معه إلى أهله و استأذنهم في استلهام صورة الخير من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي.
و بعد شهر أصبح الرسم جاهزاً و مبهراً للناس، و كان نسخة من وجه الطفل.
و لم تُرسم لوحة أروع منها في ذلك الزمان،
و بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صورة الشر.
و كان الرجل جاداً في الموضوع، لذا بحث كثيراً
و طال بحثه لأكثر من 25 عاماً.
و أصبح الحاكم يخشى أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفة التاريخية.
لذلك أعلن عن جائزة كبرى ستمنح لأكثر الوجوه إثارة للرعب.
و قد زار الفنان السجون والمصحات و الحانات و أماكن المجرمين لكنهم جميعاً كانوا بشراً و ليسوا شياطين.
وذات مرة
عثر الفنان فجأة على الشيطان!
و كان عبارة عن رجل سيء يبتلع زجاجة خمر في زاوية ضيقة داخل حانة قذرة.
إقترب منه الرسام وحدثه حول الموضوع ، و وعد بإعطائه مبلغ هائل من المال فوافق الرجل
و كان قبيح المنظر ..كريه الرائحة أصلع وله بعض من الشعر ينبت في وسط رأسه !
و كان عديم الروح و لا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عال ٍو فمه خال ٍمن الأسنان
فرح به الحاكم.
لأن العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنية الغالية
جلس الرسام أمام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح ترمز لشر
و ذات يوم
التفت الفنان الى الرجل الجالس أمامه و إذا بدمعة تنزل على خده
فاستغرب الموضوع !
و سأله إذا كان يريد أيّ شيء ؟
فأجابه بصوت أقرب إلى البكاء المختنق.
أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من 25 عاماً حين كنت طفلاً صغيراً
و استلهمت من وجهي صورة الخير،
وأنت اليوم تستلهم مني صورة الشر
لقد غيرتني الأيام و الليالي حتى أصبحت نقيض ذاتي! بسبب أفعالي)
و انفجرت الدموع من عينيه و ارتمى على كتف الفنان و جلسا معاً يبكيان أمام صورة الخير.
العبرة من القصة :
إن الله يخلقنا جميعنا كالملائكة ولكن نحن من نغير ونشوه أنفسنا بسبب معاصينا ، فالله يهدينا طريق الخير والشر،
فلا تلوث روحك ونور وجهك وبصيرتك بأفعالك القبيحة ولا تستسلم لنفسك الأمارة بالسوء .
نقلها تويتر : مناور سليمان